تأسست مدينة الأسكندرية علي يد الأسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد واستمرت هذه المدينة العريقة عاصمة لمصر لأكثر من ألف عام حتى قدوم الفتح الإسلامي لمصر، بعدها تحولت العاصمة إلي مدينة الفسطاط (القاهرة حالياً). كما ظلت مكتبتها العريقة تمثل مركزاً ثقافياً للعالم الغربي لعدة قرون. ولقد أنشأت هذه المكتبة علي يد خلفاء الأسكندر منذ أكثر من ألفي عام لتضم أكبر مجموعة من الكتب في العالم القديم والتي وصل عددها آنذاك إلي 700 ألف مجلد بما في ذلك أعمال هوميروس ومكتبة أرسطو. كما درس بها كل من إقليدس وأرشميدس بالإضافة إلي إيراتوثيوس أول من قام بحساب قطر الأرض
ولقد احترقت المكتبة عن بكرة أبيها في ظروف غامضة، فبينما يختلف المؤرخون حول المسئول عن تدمير المكتبة نجد أن معظمهم يشيرون بأصابع الاتهام إلي يوليوس قيصر الذي أرسل سفنه الحربية عام48 قبل الميلاد لتدمير سفن دولة البطالمة المرابطة بالمرفأ المجاور. ويعتقد البعض أن هذه السفن قد قصفت الحي الملكي بالمدينة عن طريق الخطأ.
وفي الوقت الراهن تقام مكتبة الإسكندرية الجديدة علي نفس الموقع الذي كانت تشغله المكتبة القديمة إحياء لذكري أشهر مكتبة في تاريخ الآثار وحفظ حوالي 8 مليون كتاب. ولقد طرحت فكرة إحياء المكتبة لأول مرة عام 1974 إلا أنها ظلت للأسف حبيسة الأدراج. ثم تجدد العرض مرة أخري في أواخر حقبة الثمانينات حين قامت منظمة االيونسكو بالدعوة للمساهمة في إحياء المكتبة. وعلي الفور أنشأ الرئيس المصري حسنى مبارك الهيئة العامة لمكتبة الأسكندرية حيث تم إجراء مسابقة دولية لتصميم المكتبة منحت جائزتها الأولي ومقدارها ستون ألف دولار أمريكي لشركة Snohettaللتصميمات المعمارية ومقرها أسلو بالنرويج. وفي سبتمبر عام 1987 رشحت الهيئة العامة لمكتبة الأسكندرية ستة مهندسين استشاريين للشركة لتشكيل لجنة مؤقتة لوضع التصميمات. إلا أن الشركة رفضتهم جميعاً وآثرت عليهم شركة حمزة وشركاه للاستشارات الهندسية ومقرها الجيزة بجمهورية مصر العربية.
ويشمل تصميم المكتبة الجديدة أربعة مستويات تحت الأرض وستة طوابق علوية من أعلي نقطة من السطح الدائري شديد الأنحدار (انظر الشكل رقم 1 "أ") ويمثل هذا الشكل الغير مألوف أحد الإبداعات التي قدمتها شركة
Snohetta .وعلي الرغم أن المبنى قد صمم ليعيش لأكثر من 200 عام إلا أن هناك بعض المخاوف والشكوك من عدم إمكانية تحقيق تلك الفترة الزمنية نظراً لقرب موقع المكتبة من ساحل البحر الأبيض المتوسط والتى لا يفصلها عنه سو 40 متر فقط لا غير. كما أن الضرورة القصوى للسماح بدخول أقل معدل من ضوء الشمس المباشر قد فرض قيود معينة علي اتجاه المكتبة بالإضافة إلي ذلك فإن البناء نفسه مدعم بأساس خرساني علي خوازيق خرسانية مكتبة الأسكندرية الجديدة والتي تحتل تقريباً نفس الموقع الأثري لمكتبة الأسكندرية القديمة تتميز بسقف دائري مائل لتقليل دخول شعاع الشمس المباشر للمبني إلي الحد الأدني وفي الزاوية اليمنى من الجزء السفلي من الصورة توجد القبة السماوية وقطرها 18 متروتقام هذه المشروعات بمقاس طول 24×24 متر حقرة
ولقد أنشأ بالقرب منها قبة سماوية ومتحف علمي علي حصيرة خرسانية فقط دون الحاجة إلي أية خوازيق.
ويبلغ اتفاع المكتبة عشرة طوابق وهي مغطاة بغلاف بيضاوي بمحور رئيسي مقاسه 60 متر. وتقع جميع المستويات السفلية تحت سطح الماء الباطني. أما عن التصميم الهندسي للمبنى فلقد أخذ في حسبانه بالترتيب الوظيفي للأرفف والمكاتب المخصصة للقراءة في مساحات متماثلة بمقاس 14.4 × 9.6 م (انظر شكل رقم 2). وتوجد هذه المساحات تحت السقف المنحدر بمقدار 16 متر في سلسلة من الطوابق التي يبلغ ارتفاعها 4.2 متر. وعلي أية حال فإن صحفة الأرضية والسطح يشكلان دوائر حقيقية في السطح الأفقي لهما وذلك نظراً لميل الشكل الأسطواني بزاوية مقدارها 8 درجات عمودية.
ومثلما هو الحال مع المكتبة البريطانية بلندن فإن جسم المبني يغوص أسفل الأرض لحماية محتوياته النفيسة من عوامل البيئة الخارجية. وتعد قاعات القراءة العديدة المفتوحة هي السمة البارزة في مكتبة الأسكندرية، حيث تضم 2500 قسم للقراءة تؤدي إلي سبعة شرفات. ولقد تم تخزين الكتب أسفل هذه الشرفات لتسهيل الحصول عليها.
ونظراً لارتفاع منسوب المياه الجوفية - والذي يعلو مستوى سطح البحر ب 8 متر- عن مستوي انحدار الطابق السفلي بـ متر، فلقد فكرت الشركة المصممة حمزة وشركاه للأستشارات الهندسية في إنشاء الجزء السفلي علي شكل مصندق (اي مبطن ببانوهات) من الخوازيق بدعامة دائرية مستعرضة إلا أن حجم الالواح والذب بقدر بـ 160 متر قد حكم الدعامات الداخلية نظراً لأن القانون المصري يمنع استخدام ألواح التثبيت الأرضي أسفل المباني المجاورة. وعليه اتخذت الشركة قرار شجاع بإنشاء حائط جار بعمق 35 متر (وهو عمق لم يسبق استخدامه) تم تدعيمه علي عدة مراحل. ومن الجدير بالذكر أن هذا الأسلوب لم يتم استخدامه قبل خارج الشرق الأقصى.
أما البنيان العلوي للمكتبة فيتكون من سطح مستوى من الخرسانة المسلحة يشكل الواح مجوفة بعمق 400 متر بضلوع مركزها 1000 مم. وتمتد هذه الضلوع إلي كمرات مركزية مخفية بعمق 400 مم والتي تمتد بدورها إلي أعمدة وجدران مركزها 7.2 و 9.6 متر. أما في مستويات الطوابق السفلية حيث يتوقع المزيد من الأحمال الحية الثقيلة فإن تركيبة الأرضية تقوم علي نفس الألواح بعمق 600 مم مع كمرات مخفية بعمق 600 مم. ولقد أدخلت الجدران الخرسانية في البنيان تحسباً لأية أحمال أخري بما في ذلك الرياح والزلازل.
ويوجد داخل حائط الجار جدارين إضافيين من الخرسانة حيث يوجد أحداهما علي المستوي الأرضي ويفصله عن حائط الجار طبقة مضادة للماء ومزود بآليات صرف وهو ما يسمي بالجدار الخارجي (انظر شكل رقم 3). ويتحمل هذا الجدار الحمل الرأسي للطوابق الأرضية ولديه القدرة علي مقاومة ضغط الماء في حالة حدوث أي تسريب بحائط الجار في أي مرحلة من عمر المبنى والذي يقدر بـ 200 عام. وهناك أماكن بالجدار الخارجي تعوقها الأرضية عن أي حركة جانبية بينما هناك أماكن أخري يرتبط فيهاهذا الجدار بالجدار الثاني أو الجدار الداخلي عن طريق عدة جدران متداخلة. أما الجدار الداخلي فهو يغوص جزئياً علي شكل اسطوانة وهو ما يقدم تصميم ذو طابع أثري ويدعم اللوحات المكسوة بالجرانيت المنقوش.